يبرز استخدام الذكاء الاصطناعي بشكل فاعل في المجالات الطبية لا سيما مع تفشي فيروس كورونا المستجد. فما هو أثر

كورونا,فيروس كورونا,الأدوية,لقاح,العالم,مؤشرات,الأطباء,الاستثمار,اكتشاف

رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء والعضو المنتدب
محمد فودة
رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء والعضو المنتدب
محمد فودة

سامر رجب يكتب: المستقبل الرقمي للذكاء الاصطناعي في الصيدلة والرعاية الصحية

الشورى

يبرز استخدام الذكاء الاصطناعي بشكل فاعلٍ في المجالات الطبية، لا سيّما مع تفشي فيروس كورونا المستجد. فما هو أثر استخدام هذه التقنية في مجال علوم الحياة؟ 

من المتوقّع في العقد المقبل، أن يكون هناك عددٌ قليلٌ من الصناعات التي لم تتأثر بالتطوّر المتزايد للذكاء الاصطناعي. وبالتأكيد أنّ هذه التقنية تؤثّر على الشركات في مختلف القطاعات من خلال تحسين العمليات، وأتمتة المهام، وتعطيل نماذج الأعمال الحالية.

وبالنسبة لمجال علوم الحياة، يشهد الذكاء الاصطناعي حضورًا واعدًا فيه، لجهة القدرة على تطوير العلاجات والعقاقير، والحصول على رؤى قيّمة من خلال تحليل مجموعات البيانات الضخمة، وجعل الطب الدقيق حقيقة واقعة للمرضى. وفي هذه المقالة، سنحاول أن نغطي بعضًا من طرق تأثير الذكاء الاصطناعي على قطاع علوم الحياة.

الذكاء الاصطناعي في التجارب السريرية

للذكاء الاصطناعي دورٌ مهمٌ في التجارب السريرية وتطوير العقاقير، فهذه عملية مكلِفة للغاية، وتستغرق وقتًا طويلًا، وتتطلّب ما يصل إلى خمسة عشر عامًا، واستثمارات بمليارات الدولارات. وعلى سبيل المثال يُقدّر معهد “بول إرليخ” الألماني تكلفة تطوير وتصنيع لقاح ضد فيروس كورونا المستجدّ بحوالي ملياري دولار. كما أنّ جزءًا كبيراً من تجارب التطوير هذه تنتهي بالفشل، ما يعني أنّ كميات هائلة من الاستثمار في هذا القطاع تذهب سدًى.

ويبرز دور الذكاء الاصطناعي في سياق التجارب السريرية، نظرًا لقدرته على تحقيق المزيد من الكفاءة في تسريع اكتشاف العقاقير الجديدة، وتقليل تكلفتها بالمقارنة مع طرق التطوير التقليدية. كما يجري الاستعانة به في عمليات التنبّؤ لرصد الآثار الجانبية الناتجة عن تناول دواءين معًا على الجسم للحدّ من تفاعلات الأدوية وأضرارها.

كما تساعد هذه التقنية في تقليل المتطلّبات التشغيلية ضمن التجارب السريرية، من خلال الاستعانة بالتوائم الرقمية وهي عبارة عن نسخٍ إلكترونية طبق الأصل لكائنٍ حيّ، كما هو الحال مع شركة “آن ليرن” الأميركية وهذا يؤدّي إلى تقليل عدد المتطوعين المشاركين لإكمال التجارب.

الذكاء الاصطناعي واستخراج البيانات

مع التقدّم الملحوظ في الرعاية الصحية والطب، يعمل الباحثون حول العالم على جمع الكثير من البيانات حول المرضى والأمراض، وهذا ما يولّد كميات ضخمة جدًا منها. ومن الناحية النظرية، تشكّل هذه البيانات محركًا يقود إلى اتخاذ قرارات أكثر تعقيدًا وعمقًا، لكنّ الطفرة الهائلة لها تجعل من الصعوبة لنا كبشرٍ القيام بعمليات التحليل والتنقيب فيها، بغية الحصول على رؤى عملية واستخلاص نتائج ذات صلة. وهنا يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لحل هذه المشكلة.

ومن خلال الاستعانة بالتعلّم الآلي يستطيع الذكاء الاصطناعي تحليل مجموعاتٍ كبيرة من البيانات، وتحديد الأنماط فيها، ووضع التوقّعات من أجل اكتشاف مؤشرات جديدة للأدوية. وقد جرى مؤخرًا إنشاء دواء عن طريق هذه التقنية لعلاج الأشخاص الذين يعانون من اضطراب الوسواس القهري أُطلق عليه إسم “دي بي إس 1181” من خلال معالجة وتحليل بيانات المرضى، وذلك باستخدام خوارزميات تم تمريرها عبر مركبات دوائية محتملة، وتمّ إنجاز ذلك في غضون 12 شهرًا فقط.

وهناك أملٌ في أن يساعد الذكاء الاصطناعي على الكشف عن رؤى في علاج فيروس كورونا من خلال بحث ومعالجة البيانات الضخمة المتأتية من الدراسات التي تجري حاليًّا حول الفيروس المستجد.

ونظرًا لأنّ مقدمي الرعاية الصحية لديهم الآن بيانات عن المرضى أكثر من أي وقتٍ مضى، على شكل معلوماتٍ وراثية وسجلّات صحية، هناك تعويلٌ كبير على تقنية الذكاء الاصطناعي  ليتمكن الباحثون من إيجاد العلاجات بشكلٍ أسرع، وتصميم عقاقير أكثر فاعليّة لمجموعات محدّدة من المرضى بناءً على خصائصهم واحتياجاتهم، وهذا ما يُطلَق عليه اسم “الطب الدقيق”.

الذكاء الاصطناعي والتشخيص

هناك مجالٌ آخر يمكن للذكاء الاصطناعي أن يكون له دورٌ كبيرٌ فيه، هو تشخيص الأمراض. ويجري حالياً استخدام التقنية لتحليل صور الأشعة، من خلال الاستعانة بخوارزميات التعلّم الآلي للتعرّف على الصور المماثلة، وتحديد نوع المرض.

ومع تفشّي فيروس كورونا، لجأت شركة “انفرفيجين” إلى الذكاء الاصطناعي لمساعدة الأطباء على اكتشاف ورصد الفيروس، من خلال تحليل صور الأشعة لتحديد علامات الالتهاب الرئوي التي يسببها، خصوصًا أن انتشار المرض فرض حالةً من الضغط على أقسام التصوير الشعاعي.

كما طوّر باحثون في معهد “ماساتشوستس للتكنولوجيا” بالولايات المتحدة ذكاءً اصطناعيَّا بإمكانه اكتشاف حالات سرطان الثدي قبل أربع سنوات من ظهوره في التصوير التقليدي بالأشعة، وتحديد التشوّهات التي قد تحدث على مستوى الثدي من خلال عمليات التصوير والتي لا يمكن اكتشافها أو تفسيرها باستخدام التقنيات التقيدية.

وفي المستقبل، قد يكون لهذه التقنية قدرةً على إجراء تشخيصات أكثر دقة، مع تخفيف العبء على الأطباء لإجراء مثل هذه التشخيصات، وبالتالي تحرير وقتهم لقضاء وقت أكبر في رعاية المرضى.

وعلى الرغم من أنّنا لا نستطيع التنبؤ بكل التأثيرات المستقبلية التي سيحدثها الذكاء الاصطناعي في علوم الحياة، لكن من الواضح أن هذه التقنية سيكون لها حضورًا فاعلًا في هذا القطاع، من تقديم المزيد من الكفاءة في التجارب السريرية للحصول على الأدوية بشكلٍ أسرع، إلى تسهيل التشخيص الأفضل للمرضى، واستخلاص النتائج الدقيقة من الكميات الكبيرة للبيانات .