أحلى لحظات العمر عشتها فى الروضة الشريفة بين قبر الرسول ومنبره الطاهرالمدينة المنورة استقبلتنى بطيبة أهلها

العالم

رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء والعضو المنتدب
محمد فودة
رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء والعضو المنتدب
محمد فودة

محمد فودة يكتب: العمرة.. رحلة شحن "طاقة الروح"

الشورى

◄أحلى لحظات العمر عشتها فى "الروضة الشريفة" بين قبر الرسول ومنبره الطاهر

◄المدينة المنورة استقبلتنى بطيبة أهلها وصفاء قلوبهم وعطر المصطفى الذى يفوح فى كل مكان

◄الطواف حول الكعبة المشرفة يبعث فى نفسى شعورا بالطمأنينة ويأخذنى خارج حدود المكان والزمان 

      ◄السعى بين الصفا والمروة فرصة لإحياء الشعائر  المقدسة وضخ الروحانيات فى شرايين التقوى 

  

ما أجمل الأشياء التى تأتى بعد اشتياق وما أروع اللحظات التى نعيشها دون سابق ترتيب، هذا ما شعرت به وأنا أقوم بأداء مناسك العمرة، فقد أكرمنى الله عز وجل بزيارة بيته الحرام وقبر رسوله الكريم بعد فترة من الاشتياق واللهفة على هذه الرحلة الإيمانية التى لا تعادلها أى رحلة أخرى لأى مكان فى العالم، وكيف لا يكون الأمر على هذا النحو من الروعة وأنا أجد نفسى أقف أمام الكعبة الشريفة التى اشتقت إليها كثيراً، فالنظر إلى الكعبة الشريفة يمنح العين طاقة إيمانية تفوق الوصف فهى أول لبنة وضعها الخليل إبراهيم عليه السلام وهو يضع قواعد  بيت الله الحرام، أما الطواف حول الكعبة فهو يمثل حالة خاصة جداً، حالة تفوق الوصف من فرط روعتها، حيث إن هذا الأمر يبعث فى نفسى شعوراً قوياً بالطمأنينة وراحة البال.

ليس هذا فحسب بل إنه يأخذنى خارج حدود المكان والزمان لأجد نفسى دون أن أشعر أتخلص شيئاً فشيئاً من منغصات الحياة ومتاعبها وما بها من صغائر وتفاهات.

ولم يقتصر الأمر عند هذا الشعور أثناء القيام بالطواف حول الكعبة بل إن الأمر امتد أيضاً إلى السعى بين الصفا والمروة وما يتخلله من لحظات روحانية يمتزج فيها السعى الهادئ بالهرولة بين الصفا والمروة.. هذا المكان الذى تغمره الملائكة وتتنزل فيه نسمات اليقين بأن الله عز وجل لا ينسى عباده المتضرعين والموحدين والساعين من أجل إرضاء الله.. فهذا الطواف وإن كان فيه بعض المشقة الا أننى والحق يقال كلما سعيت بين الصفا والمروة شعرت بأن طاقة جسمى تزداد قوة ورغبة فى الاستمرار لاستكمال عدد مرات السعى بين الصفا والمروة وكأن هذا الجانب المهم فى مناسك العمرة بمثابة نقطة شحن الروح والبدن وكافة أعضاء الجسم.

وعلى الرغم من قيمة الصلاة فى بيت الله الحرام وعلى وجه الدقة أمام الكعبة المشرفة فإن زيارة المدينة المنورة يظل لها طعم مختلف فى نفسى، حيث الصلاة فى المسجد النبوى، ولن أكون مبالغاً حينما أقول إن زيارة المدينة المنورة تبدأ منذ لحظة الاقتراب من حدودها فكأن بيوتها تحتضن الزائر القادم إليها من كافة أنحاء العالم مشتاقاً للاقتراب من قبر سيد الخلق وأشرف المرسلين ، ففى رحاب الحبيب بين الجوار والحوار تنطلق الأحاسيس  والمشاعر ، تتجلى على الإنسان أصدق المعانى والجواهر  حين تجتمع بركة الزمان بنفحات الأيام وبركة المكان فما أطيب المدينة المنورة فى ثراها أقدام الحبيب وفيها تتنزل الرحمات محفوفة بالتجليات.

إنها لحظة صفاء ، وحالة من الوصل والاتصال  تسمو فيها الروح وترتقى النفس ويتحول الإنسان من حال إلى حال لدرجة أنه لو أقسم على الله لأبرّه حيث تستجاب الدعوات وتجاب الطلبات وتتضاءل الأشياء مهما غلت وتصغر الأمور مهما علت ولَم يبق لك إلا جاه حبيبك المصطفى بين الجوار والحوار ليحدث الوصل والوصال بخالقك وبارئك ومقدرك فتخرق النواميس  وتذوب الأحاسيس عشقا فى رسول الله وحبا فى مولاه.

فما إن دخلت المدينة المنورة حتى تملكنى إحساس خاص لا مثيل له ، إحساس بالاحتواء وكأن مدينة رسول الله تفتح ذراعيها لتحتوينى ، وعلى الرغم من أننى زرت من قبل المدينة المنورة عدة مرات فإننى فى كل مرة أشعر بنفس الشعور وينتابنى إحساس بأننى أزورها لأول مرة ، الطيبة تكسو وجوه أهل المدينة الأنقياء والسماحة عنوان لتعاملاتهم اليومية والنية الصافية والصادقة تحكم تصرفاتهم مع الزوار من عشاق الحبيب المصطفى .

لذا فإن دخول المسجد النبوى يمثل حالة مختلفة تماما .. حالة تمتزج فيها الروحانيات بعبق الإيمان الذى يفوح من كافة أرجاء المسجد النبوى الشريف .. الأنوار المحمدية تطغى على أنوار الإضاءة العادية.. شيء ما يأخذك إلى عالم التقوى والورع ويسحبك بعيداً وكأنك تعيش مسحوراً بشيء ما لا تراه بالعين المجردة وإنما يخطفك بسحره وغموضه ليجعلك تعيش حالة روحانية لا مثيل لها.

وإذا كان الشعور على هذا النحو من الروعة فكيف يكون  الأمر  وأنا أقف بين قبر المصطفى ومنبره الطاهر ، فتلك هى الروضة الشريفة التى حدثنا عنها سيد الخلق بقوله "بين قبرى ومنبرى روضة من رياض الجنة" وهو ما جعلنى أعيش أسعد لحظات عمرى وأنا أصلى فى هذا المكان ففى هذه اللحظات تخلصت من كافة المشاعر الدنيوية وشعرت بأننى أذوب عشقاً فى التعلق بأخلاق سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام ، سائلاً المولى عز وجل أن يمنحنى من فيض كرمه وجود إحسانه الشعور بالرضا والإحساس بالطمأنينة واغتنام الفرصة لأتزود من زاد التقوى .

وبعد أن عشت أياماً لن أنساها ما حييت فى رحلة العمرة .. أياماً هى بالفعل أجمل وأصدق وأروع أيام العمر؛ فإننى أرفع أكف الضراعة إلى المولى عز وجل أن يتقبل منى زيارة بيته الحرام وأداء مناسك العمرة .. وأن يمنحنى القدرة على التزود من بركات ونفحات الاقتراب من قبر الحبيب المصطفى فى المسجد النبوى الشريف.

اللهم آمين