سوء استخدام التكنولوجيا يتسبب فى تزييف العقول واستهداف الأطفال مطلوب تضافر الجهود وتطوير المحتوى الإعلا

العالم,النيل,مواقع التواصل,قضية,الإعلام,مسابقة,المواطنين

رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء والعضو المنتدب
محمد فودة
رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء والعضو المنتدب
محمد فودة
خالد الطوخى يكتب:  "الوعى".. أقوى الأسلحة فى مواجهة حروب السوشيال ميديا

خالد الطوخى يكتب: "الوعى".. أقوى الأسلحة فى مواجهة حروب السوشيال ميديا

◄  سوء استخدام التكنولوجيا يتسبب فى تزييف العقول واستهداف الأطفال

◄    مطلوب تضافر الجهود وتطوير المحتوى الإعلامى والمناهج التعليمية لتتواكب مع لغة العصر

◄   الآن يتم استخدام المواطنين  لتدمير أوطانهم من خلال مواقع التواصل ومشاركة الشائعات والأكاذيب

◄   صناعة الوعى تتطلب مشاركة كافة المؤسسات والحوار المباشر من الوزارات المختصة على مواقع التواصل الاجتماعى

◄   يجب إحلال مناهج الفهم والتفكير والإبداع والابتكار محل مناهج الحفظ والتلقين والتقليد

 

فى ظل تلك الهجمة الشرسة التى تشنها على حياتنا بشكل شبه لحظى وسائل التكنولوجيا أصبحت السوشيال ميديا سلاحا ذا حدين، فهناك من يسيء استغلالها ويستخدمها فى التشويه والنيل من بعض الأشخاص أو الهجوم عليهم بأى شكل من الأشكال، وهناك من ينجرف خلف ما يُروج من شائعات ويقوم بعمل مشاركة لكل ما يُنشر دون الوقوف على حقيقته من عدمه، إضافة للجان الإلكترونية المستترة خلف الشاشات والتى تروج بعض الأفكار والشائعات.

وهنا فى تقديرى الشخصى تبرز أهمية قضية الوعى المجتمعى، حيث يُعد الوعى من أبرز وأهم الأدوات التى يُعول عليها خلال الفترة المقبلة للتصدى لهذا الخطر، فخلال الفترة الأخيرة رأينا اهتمامًا كبيرًا بقضية الوعى لما تمثله من أهمية، ولكننى فى نفس الوقت أرى أن القضية ليست قاصرة على وزارة أو هيئة أو مؤسسة بعينها ولكنها قضية مجتمعية تستوجب تضافر الجهود لضمان صناعة جيل واعٍ قادر على البناء، وأن يكون إضافة لوطنه ولنفسه من قبل، فلا يمكن لأحد بأى حال من الأحوال أن ينكر أن الوعى من أهم القضايا، بل ويُعد موضوع الساحة، وذلك فى ظل التطور التكنولوجى ومواقع التواصل الاجتماعى التى هناك الكثير من ضعاف النفوس ممن يقوم باستغلالها بشكل سلبى.

هذا يتطلب أن نضع فى الاعتبار أن حروب الجيلين الرابع والخامس تستوجب مزيدا من الوعى، وهناك عدد من الأحداث التى أكدت أهمية النهوض بالوعى، خاصة فى وقت يتم استخدام المواطنين فيه لتدمير أوطانهم من خلال مواقع التواصل ومشاركة الشائعات والأكاذيب دون التحقق من صحتها أو الوقوف على حقيقتها حيث يتم التركيز على استخدام السوشيال ميديا التى تمثل الرصاصة التى قد تحيى وتميت شعوبًا بأكملها.

والجميع على علم تام بأن الهدف من الشائعات والأكاذيب التى يروج لها عبر مواقع التواصل اغتيال العقول الشابة والأجيال القادمة ومحو تاريخهم وإنجازاتهم والسيطرة عليهم، وهو فى تقديرى ما يجعل مهمة الوعى ليست سهلة ولا مجال لتوقفها فهى لابد وأن تستمر وتتطور لتكون مواجهة لأى محاولة خبيثة تسعى للنيل من الوطن، ولابد من تضافر الجهود للحفاظ على النشء من هذه الحملة الشرسة.

والحق يقال فإن صناعة الوعى تتطلب مشاركة كافة المؤسسات والحوار المباشر من الوزارات المختصة على مواقع التواصل الاجتماعى، والرد أولًا بأول عن أى معلومات يتم تداولها بشكل خاطئ حتى لا يتم ترك مجال لأى محاولة للتشويه أو التسويق المضاد وقطع الطريق على كل من تسول له نفسه النيل من عزيمة المواطنين والتلاعب بعقول النشء الصغير، فمواقع التواصل من الممكن أن تتحول لسلاح يستخدم تجاه الدول فى الداخل ويكون ذلك من خلال نشر الشائعات، لأن من يريد ذلك يجد تلك المواقع بيئة خصبة لها تتطلب أن تكون هناك خطة متكاملة لصناعة الوعى وتصحيح المفاهيم المغلوطة التى يمكن أن يتم ترويجها على أن يشارك فى ذلك مؤسسات مختلفة ومتنوعة.

وهنا يجب أن نضع فى الحسبان أن بناء الوعى يرتبط بأكثر من عنصر، منها الرد الفورى على مواقع التواصل الاجتماعى وهو ما تم البدء فيه بالفعل، هذا بجانب برامج للتثقيف والتوعية والتنوير تتصدى لمحاولات التطرف والتعصب وتشويه حقيقة ما يحدث على الأرض، مع ضرورة مشاركة كل أجهزة صناعة الوعى فى التنبيه إلى مخاطرها، وأيضًا ضرورة مراعاة اختلاف مستويات اللغة فى خطط صناعة الوعى، ويجب فى نفس الوقت استخدام نفس اللغة التى يتم التعامل بها فى السوشيال ميديا.

وحينما أقول ضرورة تضافر الجهود لصناعة الوعى فإننى أعنى بهذا القول تضافر الجميع بداية من المدرسة والجامعة ومراكز الشباب والهيئات الشبابية ومن قبل الأسرة وما يقدم بمختلف وسائل الإعلام لابد أن يلقى الضوء على قضية الوعى، على أن يكون هناك تركيز كبير على الأطفال، لأنهم شباب الغد وصناع المستقبل، وهناك من يعتبرهم العقل الأسهل والأسرع فى التأثير، وهو ما يتطلب التصدى بخطة متكاملة من كافة المؤسسات الدينية والإعلامية والثقافية والشباب والتعليم لصناعة الوعى المصرى.

هذا إلى جانب الاستعانة بنماذج حية تساهم فى الرغبة للاحتذاء بها ليس هذا فحسب بل لابد من ضرورة التوسع فى تدريس العلوم الإنسانية، وخلق أوجه حوار مع الشباب والأطفال بمواد مبتكرة ومستحدثة سواء فنية أو غيرها تكون على قدر مواجهة اللغة والأساليب الأخرى والاهتمام ببيوت الثقافة ومراكز الشباب مع ضرورة وضع خطة متكاملة تتعاون من خلالها كافة الأجهزة المسئولة عن صناعة وعى العقول المصرية واستثمار ما لدينا من قنوات والاستعانة بمتخصصين لتطوير المحتوى الإعلامى، وتخصيص محتوى إعلامى للأطفال، خاصة أن الثقافة هى أكثر الأشياء التى يمكن بها التغيير للأفضل وهو ما يتطلب عودة دور العمل الدرامى فى ذلك، وتطوير المناهج التعليمية لتكون أحدث وأكثر ارتباطًا.

إننا يجب أن نعترف بأن عملية بناء الوعى أو إعادة بنائه قضية محورية فى حياة المجتمعات والأمم والشعوب، وخاصة تلك الأمم والشعوب التى تعرضت ذاكرتها لمحاولات المحو والشطب، أو التغيير، أو التغييب، ناهيك عن محاولات الاختطاف وحالات الجمود والخمول والكسل التى يمكن أن تصيب الذاكرة الجمعية للمجتمعات. ومع يقيننا بأن إعادة تشكيل وعى أمة ليس أمرًا سهلاً ولا يسيرًا ، إنما هى عملية بناء شاقة ، وتحتاج إلى جهود مكثفة ، ودءوبة ، ومضنية ، ولا سيما فى أوقات الشدائد والمحن والتحديات الجسام ، شأن تلك المرحلة الراهنة الفارقة فى تاريخ منطقتنا ، وفى تاريخ العالم كله ، بل فى التاريخ الإنسانى المعاصر ، حيث صار الإرهاب والتطرف الفكرى صناعة وأدوات غزو واحتلال من نوع جديد ، ووسائل لإفشال الدول ، أو إسقاطها ، أو تركيعها ، أو السيطرة على قرارها ، بل على مقدراتها ومكتسباتها أيًّا كان نوع هذه المقدرات والمكتسبات : اقتصادية أو سياسية أو جغرافية أو ثقافية أو تراثية .

إننا على يقين دائم لا يداخله ولا يخالجه أى شك فى أن أهل الباطل لا يعملون إلا فى غياب أهل الحق ، وأن على أهل الحق ألا يكونوا أقل حماسًا لحقهم وقضاياهم التى يؤمنون بها من حماس أهل الباطل ودعاة الهدم والخراب لباطلهم .

وإذا كان من حاولوا السطو على ذاكرة أمتنا قد استخدموا المغالطات الدينية والفكرية والثقافية والتاريخية للاستيلاء على هذه الذاكرة ، فإن واجبنا مسابقة الزمن لكشف هذه المغالطات وتصحيح المفاهيم الخاطئة ، وبيان أوجه الحق والصواب بالحجة والبرهان من خلال نشر الفكر الوسطى المستنير ، فى المجال الدعوى والثقافى والتعليمى والتربوى والإعلامى ، وإحلال مناهج الفهم والتفكير والإبداع والابتكار محل مناهج الحفظ والتلقين والتقليد ، مع اعتبار العمل على خلق حالة من الوعى المستنير واسترداد ذاكرة الأمة التى كانت مختطفة أولوية وواجبًا وطنيًّا على العلماء والمفكرين والمثقفين وقادة الرأى والفكر .

ولا يمكن أن نحصر قضية الوعى فى بعدها الدينى أو الثقافى فحسب ، فالوعى بالوطن يقتضى العمل على بنائه ورفعة شأنه فى جميع المجالات : الاقتصادية ، والفكرية ، والثقافية ، والاجتماعية ، والإنسانية ، وبشتى السبل : بالعمل والإنتاج، بالجد والاجتهاد ، بالدقة والإتقان ، بالتكافل والتراحم ، بالإخلاص للوطن ، والإخلاص فى العمل ، بالعلم والفكر ، بالثقافة والإبداع ، بنشر القيم الإيجابية من الصدق، والأمانة ، والوفاء ، والرحمة ، والتسامح ، والتيسير ، والمروءة ، والنظافة ، والنظام، واحترام الكبير ، وإكرام الصغير ، وإنصاف المظلوم ، وإكساب المعدوم ، وإغاثة الملهوف ، وصلة الرحم ، وحسن الجوار ، وإماطة الأذى عن الطريق ، والحرص على المنشآت العامة والمال العام ، والترفع عن الدنايا ، والبعد عن سائر القيم السلبية : من الكذب ، والخيانة ، والغدر ، والأذى ، والبطالة ، والكسل ، والفساد ، والإفساد، والتخريب.

والحق أن الوعى بالوطن يقتضى الإحاطة والإلمام بما يحاك له من مؤامرات تستهدف إنهاك الدولة ، وبخطورة الإرهابيين والعملاء والخونة ، والعمل على تخليص الوطن من شرورهم وآثامهم ، كما يقتضى أيضًا إدراك عمليات البناء والتعمير التى تتم على أيدى أبناء الوطن المخلصين.

وختاما وجب التأكيد على أن قضية الوعى بالوطن وبمشروعية الدولة الوطنية ، وضرورة دعم صمودها ، والعمل على رقيها وتقدمها ، أحد أهم المرتكزات لصياغة الشخصية السوية ، وأحد أهم دعائم الولاء والانتماء للوطن والحفاظ على مقدراته وكل ذرة من ثراه الندى .