تابعنا جميعا خلال الأسبوع الماضى أحداث وتريندات عديدة كان أكثرها صعوبة -بعد وفاة الطفل ريان- هى خروج معلمة من

مصر,التعليم,خروج,وفاة,حماية,أحداث,السيسى,عاجل,اللجان,المعلمين

رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء والعضو المنتدب
محمد فودة
رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء والعضو المنتدب
محمد فودة
حسام فوزى جبر يكتب: وأد الغشاشين ودعم المبدعين

حسام فوزى جبر يكتب: وأد الغشاشين ودعم المبدعين

تابعنا جميًعا خلال الأسبوع الماضى أحداث وتريندات عديدة كان أكثرها صعوبة -بعد وفاة الطفل ريان- هى خروج معلمة من المدرسة فى حماية سيارة الشرطة توقفت مع هذا الحدث الذى يندى له الجبين مهما كان موقفها وأقول مهما كان موقفها لأننا صرنا ننجرف بسرعة وراء رأى واحد أو طرف واحد، وتحولنا إلى قضاة وجلادين وليست لدينا الحقيقة الكاملة، لذلك دعونا ننتظر ونتمهل قبل إطلاق الحكم دون معرفة كافة الملابسات وإن كنا نرفض ما حدث للمعلمة الجليلة مهما كان الخطأ فإن أخطأت فهناك جهات تحقيق ورقابة تُحاسبها وإن كانت مظلومة ولها حق فحقها فى رقابنا جميعًا فالمشهد المُصدر من تجمهر بعض أولياء الأمور لإلحاق الأذى بمدرسة رفضت السماح لأبنائهم بالغش بالصياح فى وجهها أو توجيه شتائم تضيع المسئولية الجنائية عنها فى الزحام أو الدعاء على المدرسة باعتبار أن منعها التلاميذ من الغش بمثابة إلحاق الأذى بهم، مشهد يسيء لنا جميعًا، ويدق ناقوس الخطر الذى نحاول منذ فترة أن ندقه بوضوح لنحذر من هذا الانفلات الأخلاقى الذى وصل لأولياء الأمور قبل الطلبة الذين مازالوا فى مرحلة الطفولة.

ورغم الاختلاف الكامل مع ما حدث فإننى أتفهم موقف أولياء الأمور هؤلاء وأمثالهم فى مئات القرى والأحياء المختلفة يمارسون ممارسات شبيهة وأقول إن هؤلاء نتيجة وضحية نصف قرن كامل تم فيه تخريب القيم فى المجتمع لتصل أوجها خلال الفترة الأخيرة منذ ما بدأنا نسمعه ونردده دون تفكير فيما يسمى كذبًا حرية الإبداع ودراما الواقع وقبلها تلك الأعمال القديمة التى نالت من قدر المعلم والموظف وأصحاب الدخول البسيطة واستحلت إهانتهم بل وضحكنا نحن عليها دون أن ندرى أننا نسحق الأخلاق التى تربينا عليها والمثل التى زُرعت فينا لتأتى ثورة المعلومات والسماوات المفتوحة لتقضى على الجزء الباقى من قيمنا وأخلاقنا وها نحن فى كل مرة نتحدث فيها وفى كل موقف نكتب عنه نبحث عنها ونحث بعضنا البعض أن نعود إليها، وسنعود بفضل الله عندما نضع الأمور فى نصابها ونعلم جيدًا أن العلم ليس من أجل الشهادة وأن حامل الشهادة الغشاش لا يمتلك إلا وريقة ليس لمصرنا بها حاجة ولن تفيده إلا جهلا على جهله. بالقطع الغش جريمة بل كارثة كبرى بل هى سر من أسرار تخلفنا وعلينا أن نقر بهذه الحقيقة المُرة، وقد قال الرسول الكريم "من غشنا فليس منا"، والغش ليس فقط فى التعليم والامتحانات ولكنه بنفس الغباء وغياب الضمير فى كل شيء، فى الغذاء فى البيع فى التعيينات فى المناصب حتى فى منح الجوائز، بالغش تُهدر الحقوق والحرمات ويتقدم البليد والمتسلق والمنافق والجاهل، يُدهَس الأكفاء والمجتهدين وبالتالى هل سيتأخر مجتمع الغشاشين ولن يجد نفسه وسط المجتمعات التى ترتقى ويعلو شأنها، فالإخلاص وإعطاء كل ذى حق حقه هو أساس النجاح والرقى والتقدم فى الأمم، وفى هذه الواقعة صُدر إلينا المشهد حين نقله أحد المواقع بعنوان جاذب للمشاهدات والقراءات باحثًا عن التريند كالعادة ونجح بالفعل فى هذا وها نحن انجررنا وراء عواطفنا سريعًا رفضًا لفكرة الغش وتعاطفًا مع المعلمة.. محاربة الغش ولكن علينا فى نفس الوقت أن نتمهل إلى أن تكتمل الصورة لدينا، فجميعنا يعلم أن هناك أنواعا من المراقبين والملاحظين فمنهم من لا يفعل شيئا بل يتطوع من نفسه لتشجيع الغش إما أملًا فى مصلحة ما أو اعتقادًا منه أنه هكذا يُشفق على الطلاب وأولياء أمورهم، وهناك على النقيض من ذلك من يُحوِل اللجنة إلى جحيم وحريق، بالصياح وربما الخناق مع الطلاب وبالتالى يشتت تفكيرهم ويصيبهم بالتوتر وربما الرعب، والنموذجان السابقان مخطئان.

 

لو طبقنا كلامنا على واقعة المعلمة فالحقيقة هى أننا ليست لدينا المعلومة الكاملة، فهل هى حقا ضحية أولياء أمور جهلاء حاولوا إجبارها على ترك الطلاب للغش، أم أن المعلمة حولت اللجنة لحريق فتعذر عليها السيطرة على اللجنة وبالتالى حدث ما حدث، لذلك ما أتمناه هو إجراء تحقيق عاجل وحاسم وإذا ثبت أن أولياء الأمور حاولوا إجبار المعلمة على منح أولادهم الفرصة للغش فالحل الرادع هو فصل أبنائهم من المدرسة ليكونوا عِبرة لغيرهم ولتستقيم الأمور ويتحقق الردع المرجو، أما إذا ثبت أن المعلمة هى من أشعل حريقًا داخل اللجان ولم تتمكن من السيطرة عليه فهنا ينبغى حسابها هى الأخرى، وتأهيل المعلمين وإصلاحهم نفسيًا وسلوكيًا فهناك شعرة دقيقة بين تحقيق الانضباط والنظام والجدية وبين الصراخ والحريق والتشتيت، ويجب أن نعترف بأن قليلين هم من يمتلكون تلك المهارة والقدرة على تحقيق الانضباط فى اللجان وفى نفس الوقت ضمان الهدوء والانسياب وتحقيق الهدف وهو منع الغش، وعقاب المخطئ فى هذه الواقعة وغيرها قد يكون رسالة ردع، وتوعية الآباء بدور التعليم ومفهومه الحقيقى قد يكون رسالة توعية، ويؤكد أن إطلاق الثورة الثقافية والاجتماعية الشاملة التى تحدثنا عنها كثيرًا قد يكون ضرورة تؤكدها الحوادث واحدة تلو الأخرى فى كل مجال من مجالات الحياة فى مصر، مصر التى تحاول أن تتغير وإلى أن يدرك الناس هذا علينا أن نضرب على يد المخطئ حتى يلتزم طريق الصواب وعلى يد الغافل حتى ينتبه وعلى يد الفاسد حتى يعتدل، وأيًا كان المخطئ فالمشهد الذى صُدر إلينا مرفوض نرفضه شكلًا وموضوعًا أيًا كان السبب فهيبة المعلم والمعلمة لن تعود إلا بحساب المخطئ أيًا كان.

ورسالتى علينا أن نتمتع بذات الجرأة والشجاعة والجدية وأكثر لوقف ومنع مهزلة الغش فى كل شيء فى حياتنا، والضرب بيد من حديد على الغش والكذب والنفاق والتسلق والتملق، السارى بكل أسف فى مجتمعنا -إلا ما رحم ربى- هذه هى الحقيقة المرة، ولن يتقدم هذا الوطن نحو مصرنا الجديدة التى ينشدها الرئيس عبد الفتاح السيسى ونحن خلفه ومعه إلا إذا نحينا الغشاشين من كل مكان ومن كل موقع ومن كل مؤسسة وعندها سنرى جمال مصر وسيبرز جمالها بالأكفاء والأكثر إبداعًا وعلمًا لا الأكثر غشًا وجهلًا وتدليسًا، لن تستقيم الأمة إلا بوأد الغشاشين ودعم المبدعين، وهذا ما تحتاجه مصرنا الغالية أدامها الله علينا نعمة.