فارس بلا جواد الفرسان عصر الأئمة هارون الرشيد أبو حنيفة النعمان إمام الدعاة الزينى بركات الملك فاروق ج

حب,عمرو,التلفزيون

رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء والعضو المنتدب
محمد فودة
رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء والعضو المنتدب
محمد فودة
السيد خير الله يكتب: الدراما التاريخية بين تراث الماضى وواقع مرير

السيد خير الله يكتب: الدراما التاريخية بين تراث الماضى وواقع مرير

فارس بلا جواد، الفرسان، عصر الأئمة، هارون الرشيد، أبو حنيفة النعمان، إمام الدعاة، الزينى بركات، الملك فاروق، جمهورية زفتى، عمر بن عبد العزيز، عمرو بن العاص، رأفت الهجان، صديق العمر، قاسم أمين، أم كلثوم .. أمثلة لمسلسلات ارتبطت بتشكيل وجدان أجيال عدة حول التاريخ المصرى والعربى. تتنوع هذه المسلسلات التاريخية ما بين مسلسلات تاريخية دينية مثل مسلسل "عمر بن عبد العزيز" أو تاريخية اجتماعية مثل "ألف ليلة وليلة"، أو مسلسلات تاريخية سياسية مثل "رأفت الهجان" و"جمهورية زفتى" و"الملك فاروق" و"الطارق"، أو مسلسلات تاريخية تتناول السيرة الذاتية للمشاهير مثل "أسمهان" أو "السندريللا" و"أم كلثوم" و"قاسم أمين" و"مشرفة.. رجل لهذا الزمان". دوماً ما تحصل المسلسلات التاريخية على نسب مشاهدة عالية بسبب طبيعة إنتاجها الضخم وموضوعاتها الجاذبة للجماهير، وبسبب طبيعة الشعب المصرى المُحِب والمعتز بتاريخه وحضارته وتراثه.

مؤخراً تصاعدت حدة الجدل حول مسلسل "الملك"، وهو المسلسل الذى تم إيقافه بسبب عدم الدقة فى اختيار الملابس والممثلين المناسبين للحقبة التاريخية التى تناولها المسلسل.  وقد أثارت هذه الواقعة مجموعة من الإشكاليات. إذ يدفع موضوع المسلسل ووقف عرضه إلى الحديث حول ما إذا كان الفن لابد أن ينقل الواقع  بحذافيره كما هو أم لا؟ وإلى أى حد يمكن للفنان أن يمتلك الحرية لأن يبتكر أحداثاً جديدة أو شخصيات جديدة قد تكون ملائمة للسياق الدرامى مع عدم صدقها؟ ولماذا هذا الجدل الكبير حول المسلسلات التاريخية؟ بداية، يمكن القول إن هناك إشكالية فى المسلسلات التاريخية والتراثية تكمن فى أن صناع التراث كثيراً ما يلجأون إلى الموروث الفنى عن الحدث التاريخى نفسه بدون الرجوع إلى الوثائق الرئيسية أو المؤرخين. ومن هنا قد يحدث تغيير فى بعض الأحداث والوقائع التاريخية. ولكن ما هو الحد المسموح لتغيير الواقع وما هى المساحة الإبداعية التى يمكن أن تُترك للمبدع؟ فى الدراما التلفزيونية، هناك بعد متخيل وبعد حقيقى. لكن الإشكالية هنا هى ما إذا كان البعد المتخيل مُزيِّفاً للواقع والحقيقة. فهذا يرتبط بمدى تأثير الفنون على الجماهير. ولأن المسلسلات لها تأثير كبير على الجماهير فإن ذلك يعنى أنه إذا تم نقل معلومات خاطئة لها فإنها قد تتعرض للتضليل. وبالطبع، فإن مدى إمكانية تضليل الجماهير يرتبط بمدى تأثير الدراما التلفزيونية على الوعى. للتلفزيون تأثير بمثابة السحر. فكل ما يُعرض على التلفزيون مؤثر سواء كان مسلسلات أو أفلام أو برامج أو إعلانات. وبالنظر إلى المسلسلات، يتضح أنها لا تخاطب الصفوة الثقافية فى المجتمع أو فئة دون فئة ولكنها تخاطب الجميع المتعلم وغير المتعلم، المثقف وغير المثقف، الغنى والفقير، الكبير والصغير. من هنا، يمكن القول إن التلفزيون جهاز إعلامى شديد التأثير موجود فى البيوت المصرية كافة وهو الوسيلة الإعلامية التثقيفية محدودة التكلفة. وللتلفزيون سحر كبير ويمتلك عناصر الجذب والإبهار التى تتسم بها الدراما التلفزيونية مثل القصة الإنسانية الاجتماعية والحبكة الدرامية والأداء الجيد للممثلين والمؤثرات الصوتية والألوان.ولا يمكن إغفال أن الشباب يمضون وقتاً طويلاً أمام الشاشات فيكون بمثابة مجال هام أمامهم للترفيه وقضاء وقت الفراغ.

وتشير بعض الدراسات التى قامت باستطلاع رأى لمجموعة من الأميين وغير الأميين أنهم يستقون جانباً كبيراً من معلوماتهم من المسلسلات التلفزيونية. وللتلفزيون تأثير أكبر على السيدات، حيث تكشف الدراسات أيضاً اهتمام النساء بمشاهدة المسلسلات سواء أميات أو غير أميات. وتشير الدراسات أيضاً إلى أن التلفزيون قد انتشر بين الطبقات الفقيرة، وبالرغم من أنه يُنظر إليه كوسيلة للتسلية والترفيه، فمن الممكن استخدام إمكانياته لتحقيق أهداف إعلامية وسياسية وتعليمية.

من جهة أخرى تؤثر المسلسلات على قطاع كبير من الشباب الذى يمكن ألا يشاهد المسلسلات على التلفاز ولكن عبر وسائط جديدة مثل Netflix  وWatch it وشاهد. فعبر الإنترنت يمكن للشباب أن يتابع الجديد المعروض على التلفزيون. وبلا شك، تسهم المسلسلات التلفزيونية فى تشكيل الوعى، وهو ما يبدو جلياً فى التأثير الذى فرضته مسلسلات "رأفت الهجان" أو "دموع فى عيون وقحة" أو "السقوط فى بئر سبع" أو "الحفار" أو "حرب الجواسيس". فكلها مسلسلات ساهمت فى رفع الحس الوطنى وترسيخ قيم الانتماء والهوية المصرية.  وقد تناولت هذه المسلسلات أحداثاً تاريخية حقيقية من خلال تجسيد عملية حربية مثلاً على غرار "الحفار" أو قصة حقيقية من ملفات المخابرات المصرية مثل "رأفت الهجان". كانت هذه المسلسلات لتجسيد الواقع وساهمت فى تأريخ مراحل مهمة من الحياة السياسية المصرية.

وقد حققت نجاحاً كبيراً لأنها مارست دوراً فى نقل ما حدث على الشاشة وقد كانت مسلسلات مقنعة لأنها خاطبت عقل ووجدان المشاهد، حتى لو كانت هناك بعض التغييرات عن الواقع، فإنها تبقى فى نطاق ضيق لا يؤثر فى الأحداث الهامة، حيث تهدف مثلاً إلى إضفاء الطابع الدرامى مثل إضافة قصة حب أو علاقة صداقة أو اختيار جانب واحد من حياة البطل والتركيز عليه، لكن لم تكن هناك أخطاء جمة تُشعِر المشاهد بأن هذا المسلسل غير تاريخى ومُزيِّف للواقع.