الاحتفال بمرور قرن ونصف على تقديم أوبرا عايدة لأول مرة فى مصرفنانون مصريون يقدمون أوبرا عايدة فى حدث فنى ن

مصر,مبادرة,القاهرة الخديوية،,الأهرامات,باريس,الأولى,روما,ياسمين الكاشف,ياسمين الكاشف تكتب,حب,القاهرة,الاقتصاد,الجمهور,اليوم

رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء والعضو المنتدب
محمد فودة
رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء والعضو المنتدب
محمد فودة
د. ياسمين الكاشف تكتب:    "عايدة المصرية" فى إيطاليا.. عودة للقوة الناعمة

د. ياسمين الكاشف تكتب: "عايدة المصرية" فى إيطاليا.. عودة للقوة الناعمة

الاحتفال بمرور قرن ونصف على تقديم "أوبرا عايدة" لأول مرة فى مصر

 

فنانون مصريون يقدمون "أوبرا عايدة" فى حدث فنى نادر

 

"القوى الناعمة" تسهم فى الترويج للحضارة المصرية ودعم الاقتصاد الوطنى

 

لم يكن تقديم "أوبرا عايدة" على المسرح المكشوف بالأكاديمية المصرية للفنون فى روما بإيطاليا مجرد حدث عادى ولكنه يستمد أهميته كونه يقام ضمن الاحتفالات بمرور قرن ونصف على تقديمها لأول مرة فى مصر عام 1871م، وتعد هذه هى المرة الأولى التى يقدم فيها أوبرا عايدة بفنانين مصريين فى إيطاليا مما يعنى وبما لا يدع مجالاً للشك أننا بصدد عودة قوية لقوتنا الناعمة فى الخارج فهاهم سفراء الفن المصرى من دار الأوبرا يتألقون فى بلد الفن خاصة أن أوبرا عايدة تعد أيقونة الفن الرفيع، وتقديمها فى إيطاليا دليل على الريادة الفنية المصرية وقدرة الفنانين المصريين على المنافسة العالمية، بما يعكس أهمية دور القوة الناعمة فى الترويج للحضارة المصرية ودعم الاقتصاد الوطنى.

 

فما هى قصة أوبرا "عايدة"؟ وما هو أسرارها التاريخية؟.. للإجابة عن هذا التساؤل علينا أن نعلم أولاً أن أوجست مارييت "باشا"، عالم الآثار الفرنسى ومدير الآثار المصرية فى ذلك الوقت، كتب رسالة إلى شقيقه إدوار قبل افتتاح قناة السويس بخمسة أشهر، وردت فى كتاب بعنوان "خطابات وذكريات شخصية" صدر فى باريس عام 1904م، قال فيها: "تصور أننى كتبت أوبرا.. إنها أوبرا كبيرة سيضع فيردى موسيقاها، نعم لا تضحك إنها حقيقة"، وقال إدوار إنه شعر بالقلق عندما علم بهذا الأمر.

ويشير الكاتب والمؤرخ الفرنسى روبير سوليه فى كتابه "مصر ولع فرنسى" إلى أن الكثيرين لم يتوقفوا عن إسناد نص أوبرا عايدة إلى مؤلفين شتّى، إن لم يكن الخديوى إسماعيل شخصيًا صاحب مبادرة تأليفها، وقد ثبت اليوم انتساب هذا العمل إلى مارييت الذى كتب السيناريو وصمم الملابس وديكورات العرض فضلاً عن وضع الخطوط العريضة لإخراج العمل الفنى.

لم تُعرض أوبرا عايدة عند افتتاح دار أوبرا القاهرة الخديوية، نظرًا لعدم الانتهاء من تجهيزها وطلب استعجال من الخديوى إسماعيل رغبة منه فى تقديمها أمام ضيوفه خلال حفل افتتاح قناة السويس، لذا قدمت أوبرا أخرى فى الأول من نوفمبر عام 1869 هى أوبرا "ريجوليتو" المقتبسة عن قصة للأديب الفرنسى فيكتور هوجو "الملك يلهو" وهى أيضًا من تلحين الموسيقار الإيطالى جوزيبى فيردى.

اختار مارييت باشا اسم "عايدة" عنوانًا لعمله لما يحمله الاسم من دلالة مصرية كما استلهم أحداثها من تاريخ مصر القديم معطيًا لنفسه حرية التحرك فى سرد أحداثها دون التقيد بفترة زمنية محددة على الرغم من اتجاه البعض إلى ربط الأحداث بفترة حكم الملك رمسيس الثالث.

وقصة أوبرا عايدة تجسد صراعًا بين "الواجب والعاطفة" وتروى قصة أميرة حبشية أسيرة فى مصر، تصبح وصيفة لـ"آمنيريس"، ابنة الملك الفرعون، وتقع الفتاتان فى حب رجل واحد هو "راداميس" القائد الحربى الذى يبادل عايدة حبًا كبيرًا.

ويستمر القالب الدرامى فى سرد الأحداث بعد أن تفسد الأمور نتيجة اندلاع حرب بين مصر والحبشة، وتنتصر مصر ويطلبون من راداميس الزواج من ابنة الفرعون مكافأة له على الانتصار، فيسعى إلى الهرب مع حبيبته عايدة ويفشى بعض الأسرار العسكرية لها عن دون قصد فيعتبرونه خائنًا لواجبه العسكرى ويحكم عليه بالدفن حيًا وتلحق به عايدة وتموت بين ذراعيه فى قبرهما.

تعتبر أوبرا عايدة أول أوبرا يضعها عالم فى تاريخ مصر القديم، وكان مارييت قد قضى ستة أشهر فى صعيد مصر ينسخ بمنتهى الدقة نقوشًا وتفاصيل فنية محفورة على أعمدة المعابد، كى يستفيد منها فى إخراج عمله ليكون الأقرب علميًا للطبيعة الفنية للنص التاريخى.

لم تكن أوبرا عايدة الأولى التى تستلهم تاريخ مصر القديم فى أحداثها المسرحية، فقد سبقتها "الناى السحرى" لموزار، والتى قدمت فى باريس فى 20 أغسطس 1801م، بعنوان "أسرار إيزيس"، فضلًا عن أوبرا "موسى" للموسيقار روسينى عام 1827، و"الابن الضال" لدانيل فرانسوا إسبرى أوبير عام 1850.

أرسل مارييت سيناريو أوبرا عايدة إلى كاميى دو لوكل، مدير "أوبرا كوميك" فى باريس، لتجزئة النص إلى مشاهد وتحديد بنية العمل فى أربعة فصول ثم تُرجم النص إلى اللغة الإيطالية وأُعطى للشاعر الإيطالى أنطونيو جيزلانزونى لنظمه شعراً ثم أعيد ترجمة النص الشعرى إلى لغته الفرنسية.

أراد الخديوى إسماعيل أن يضع فيردى موسيقى أوبرا عايدة ، وكان فيردى قد سبق وقدم أوبرا "ريجوليتو" و"لاترافياتا" المقتبسة عن قصة غادة الكاميليا للأديب الفرنسى أليكسندر دوما الابن.

ويشير سوليه فى كتابه إلى أن فيردى رفض فى البداية قائلًا: "ليس من عادتى تأليف قطع موسيقية للمناسبات الخاصة، فألمح وسطاء الخديوى بإسناد المهمة إلى موسيقيين آخرين مثل فاجنر وجونود، إن أصر على رفضه فوافق بشروط مالية خاصة".

وقع مارييت العقد مع فيردى نيابة عن الخديوى فى 29 يوليو عام 1870م بعد ثمانية أشهر من افتتاح قناة السويس نظير دفع 150 ألف فرنك فرنسى بالذهب ونص العقد على أنه إن لم تُعرض عايدة فى القاهرة فى يناير عام 1871م، فمن حق فيردى عرضها فى مكان آخر بعد مضى ستة أشهر من الموعد المتفق عليه لكنه تغاضى عن هذا الشرط.

واستمر تقديم أوبرا عايدة سنويًا على مسرح دار الأوبرا المصرية "الخديوية"، حتى احترقت بالكامل عام 1971م، وشهدت منطقة الأهرامات أضخم إنتاج للعرض عام 1987، عندما شارك فيه 1600 فنان على مسرح مساحته 4300 متر مربع ، وحضره 27 ألف متفرج واستمر تقديمه على مدار ثمانى أمسيات متتالية.

كما قُدمت عروض أوبرا عايدة عام 1994م أمام معبد حتشبسوت فى الدير البحرى بالأقصر متخذة من عمارة المعبد خلفية لها، وما زالت تجتذب عروض أوبرا عايدة فى مصر والعالم الكثير من الجمهور فضلا عن إثراء المنافسة بين المخرجين والقائمين على تنظيمها لتقديم كل ما هو جديد من الناحية الفنية.

 

وقالت الدكتورة إيمان مصطفى المدير الفنى لفرقة أوبرا القاهرة ورئيس الوفد الفنى إنها فخورة بسفراء الفن المصرى من دار الأوبرا وخاصة أن أوبرا عايدة تعد أيقونة الفن الرفيع، لافتة.

 

ولقد كان أمام فريق العمل تحدٍ كبير خصوصا أن" أوبرا عايدة" تعد أيقونة الفن الرفيع ويعد العرض من الأعمال الفنية الضخمة والصعبة، لكنهم أثبتوا قدرة الفنانين المصريين على المنافسة العالمية، ما يعيد الأمل فى إعادة تقديم أوبرا عايدة من جديد فى الأماكن السياحية والتاريخية بمصر نظرا لأهمية دور القوى الناعمة فى الترويج للحضارة المصرية ودعم الاقتصاد الوطنى.

 

أوبرا عايدة من إخراج هشام الطلى ويؤديها نجوم فرقة أوبرا القاهرة السوبرانو إيمان مصطفى فى دور عايدة ، الباريتون عماد عادل فى دور اموناصرو ، الميتزوسوبرانو جولى فيظى فى دور أمنيرس ، الباص رضا الوكيل فى دور رامفيس ، أسامة على فى دور الرسول ، عزت غانم فى دور الملك ، داليا فاروق فى دور كبيرة الكهنة وصمم الإضاءة المهندس ياسر شعلان والديكور محمد عبد الرازق والصوت خالد درويش.

 

تحية من القلب لكل من ساهم فى هذا العمل الكبير.