وسط زخم الحياة والأحداث المتلاحقة هناك دائما فسحة من الزمن لتلك الأشياء التى تثرى النفس وتبث الأمل وتبعث الط

يوم,الأولى,مصر,الشورى,الغربية,العالم,القرآن الكريم,التجارة

رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء والعضو المنتدب
محمد فودة
رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء والعضو المنتدب
محمد فودة
حسام فوزى جبر يكتب: هؤلاء الأولى بالرعاية

حسام فوزى جبر يكتب: هؤلاء الأولى بالرعاية

وسط زخم الحياة والأحداث المتلاحقة، هناك دائمًا فسحة من الزمن لتلك الأشياء التى تثرى النفس وتبث الأمل وتبعث الطمأنينة وتثبت أن هناك جيلًا قادرًا على حمل الأمانة وأن الصورة السوداء التى يُصدرها أصحاب "مهرجانات الردح" والفن المُبتذل لم تنل من جميع أطفالنا وأن هناك من هم لا يزالون هم ومن خلفهم أهلوهم يحافظون على الهوية الإسلامية المصرية الراقية العظيمة ويصدرون للعالم أجمع أن مصرنا الغالية ستظل دائمًا مصدرًا للفخر على كافة المستويات، أطفال فى عمر الزهور بلغ عددهم 72 طفلا وطفلة تحتفل بهم قريتهم لنجاحهم فى ختم المصحف الشريف، نعم أصبحوا جميعًا حاملين لكتاب الله، يطوفون شوارع القرية ليعلنوا أنهم قد انتهوا من حفظ كتاب الله لتحتفل بهم القرى والقرى المجاورة فى سنة جديدة ابتكرتها هذه القرية قرية شرشابة، التابعة لمركز زفتى بمحافظة الغربية، مسقط رأسى وأفتخر.

حالة من الفرحة والبهجة والغبطة شهدها أهالى قرية شرشابة، حينما قام مسؤولو دار تحفيظ القرآن الكريم بتنظيم زفة طافت شوارعها لتكريم ٧٢ طفلًا وطفلة من حفظة كتاب الله، احتفالًا بختم المصحف الشريف، الزفة التى أدخلت السعادة على قلوب الجميع داخل القرية وخارجها، والتى انطلقت من مقر دار تحفيظ القرآن الكريم بالقرية، وحتى قاعة الحفل فى مشهد مهيب وسط سعادة غامرة من أهل القرية وخاصة أولياء أمور هؤلاء الأطفال فخورين بأولادهم، الذين رفعوا رؤوسهم فى الدنيا والآخرة، مشهد مهما حاولت أن أصفه لحضراتكم تعجز الكلمات أن تصف مدى السعادة والفرح والرضا على وجوه كل من تابع هذا الحدث الجلل أطفال أصغرهم فى السابعة من عمره وأكبرهم عند الخامسة عشر، نجحوا فى وضع أنفسهم على خريطة حُفاظ كتاب الله، حاملين الأمانة المدافعين عن الأمة، فشكرًا من القلب لكل من تسبب ولو بكلمة فى حدوث هذا الأمر الأروع منذ فترة طويلة، وتحية من أعماق القلب لكل من شارك.

وحفظ القرآن الكريم، كما هو معلوم لدينا جميعًا يقوى الذاكرة، ويضمن للأبناء النجاح والتفوق فى الكبر، ويحفظ اللغة العربية من الاندثار، وهو وقاية من الأمراض النفسية. ولعبت «الكتاتيب» دورًا متميزًا فى تكوين الخلفية القرآنية والثقافية الدينية والأخلاقية لدى أبناء المجتمع الإسلامى لقرون عديدة، ويساعد كتاب الله، على النمو اللغوى والذهنى وتنمية الذكاء لدى الأطفال، كما أن حفظ القرآن الكريم فى الصغر يضمن تفوق الأبناء ونجاحهم فى الكبر، وينمى مدارك الأطفال واستيعابهم بدرجة أكبر من غيرهم بالإضافة إلى تمتعهم بقدر كبير من الاتزان النفسى والاجتماعى وقدرة كبيرة على تنظيم الوقت، وقد ورد فى الحديث الصحيح عن النبى المصطفى: " من قرأ القرآن، وتعلمه، وعمل به، ألبس والداه يوم القيامة تاجا من نور، ضوؤه مثل ضوء الشمس، ويكسى والداه حلتين لا تقوم بهما الدنيا! فيقولان: بم كسينا؟! فيقال: بأخذ ولدكما القرآن "، نَعم فهو نِعم الفوز فى الدنيا والآخرة ونعم التجارة الرابحة مع الله التى وددت أن أذكرها هنا لأقدم شكرى وامتنانى لكل من حرص ويحرص على أن يُعلم أولاده القرآن الكريم، ولا أستطيع أن أصف مدى فخرى واعتزازى بما قام به أهالى قرية شرشابة مركز زفتى بمحافظة الغربية حين صدروا إلينا هذا النموذج الفريد للتربية الإسلامية المبتغاة، والتى تجلب الفوز فى الدنيا والآخرة. ونحن فى أمسّ الحاجة إلى القدوة الصالحة والمثل الأعلى، يظهر لنا هؤلاء الأطفال وكأنهم يُرسلون رسالة للجميع القدوة الحسنة موجودة ومن بيننا نحن الصغار ولكننا لم نرها لم تر أعيننا إلا أولئك الحريصين على دمار شبابنا وتصدير القدوة السيئة، وظل كل منا يهاجمهم بكل قوة وينعتهم بأسوأ ما يستطيع قوله، فى حين أن الحل بسيط وسهل فهناك كثير من النماذج التى تستحق أن تكون القدوة الحسنة التى تلهم النجاح للآخرين، مثل أولئك الأطفال الذين أعتبرهم أمثلة رائعة رغم حداثة أعمارهم، إلا أنهم استطاعوا أن يُرسلوا لنا شعاع أمل وسط الضباب طاقة نور وسط ظلام الابتذال وانحدار الأخلاق وتدنى الثقافة، وأطفال يحفظون كتاب الله عن ظهر قلب، خرجت قريتهم الواقعة فى قلب الدلتا لتحتفى وتحتفل بهم وتُصدر مشهدا للعالم أجمع أن لدينا نماذج تتمسك بدينها وبهويتها الإسلامية العربية الوسطية السمحة الجميلة.

هل فكرت يومًا ما أن تكون أنت من حملة هذه الأمانة؟ دعنى أُعيد عليك السؤال أو أستبدله بأمنية تمنيناها جميعًا، ألم تحلم يومًا ما أن يكون ابنك أو بنتك من بين هؤلاء المُكرمين فى السماء قبل الأرض؟ بالطبع حلمنا جميعًا ولكن هنيئًا لمن نجح فى تحقيق حلمه فى الدنيا، ليكن من أصحاب تيجان النور فى الآخرة، فكثيرًا ما بحثنا عن أساليب التربية الحديثة لتربية أبنائنا فى كل دول العالم وحاولنا الاستعانة بكل الثقافات فى حين أن حمل كتاب الله وحده تربية ليس بعدها تربية، وأدب لا يعادله أدب وثقافة تغنى أبناءنا عن كل أنواع الابتذال والسقوط، منذ عدة سنوات وهنا فى نفس هذه النافذة "قلم حر"، وعبر جريدتكم "الشورى" كتبت بعنوان "فلنربيهم بنص القرآن"، واليوم أقولها من جديد " فلنهذبهم بحفظ القرآن"، نعم فلنهذب أخلاقهم ونفوسهم بحمل هذه الأمانة ليكونوا سفراء الله فى أرضه، فنحلم جميعًا أن نكون نحن وأبناؤنا قبلنا ممن يمشون فى هذه الزفة يومًا ما فى الدنيا لنفوز فى الدنيا والآخرة. أرى أن ندفع هذه النماذج التى قدمت لنا 72 حاملًا لكتاب الله للأمام ليحكوا لنا تجربتهم ونستثمر هذه التجربة فى إخراج عدد لا نهائى من حملة كتاب الله، ليملؤا الدنيا بأخلاق القرآن العظيم، ويثقفوا الجميع بفقه القرآن الكريم، ويحكوا لأقرانهم من قصص القرآن الكريم ويحدثوهم عن أخلاقه وعن التربية الإسلامية والأخلاق التى يريدها الله أن يكون عليها المسلم، أتمنى أن يكون نموذج قرية شرشابة مجرد بداية لنا جميعًا لتتنافس جميع قرى ومدن مصر فى خلق جيل من حاملى كتاب الله يعودون بنا إلى الحياة التى نأملها بعيدًا عن السقوط الأخلاقى الذى نهوى إليه يومًا بعد يوم، دعم حامل كتاب الله ومحفظى القرآن الكريم واجب علينا جميعًا فـ"هؤلاء الأولى بالرعاية".

عزيزى القارئ يصدر هذا العدد ونحن فى أفضل أيام الدنيا، العشر الأوائل من شهر ذى الحجة، الليالى العشر التى أقسم بها رب العزة فى قوله "وَالْفَجْرِ . وَلَيَالٍ عَشْرٍ  "، وقول الرسول الكريم " ما من أيَّامٍ العملُ الصَّالحُ فيهنَّ أحبُّ إلى اللهِ من هذه الأيَّامِ العشرِ . قالوا : يا رسولَ اللهِ ولا الجهادُ في سبيلِ اللهِ   "، فأوصيكم ونفسى بالإكثار من الأعمال الصالحة، وكل عام وحضراتكم بكل الخيرات.