- لماذا يصوم الأقباط ٥٥ يوما.. وما سر امتناعهم عن تناول المنتجات الحيوانية والأسماك والألبان- ماذا قال الباب

المغرب,مصر,رمضان,شاب,الجمعة,يوم,مريم,فيروس كورونا,البابا تواضروس,الكمامة,عيد القيامة,الشرقية,محمود الشويخ يكتب,الميلاد,غلق,كورونا,سيناء,العالم,عمرو,الجنازة

رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء والعضو المنتدب
محمد فودة
رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء والعضو المنتدب
محمد فودة

محمود الشويخ يكتب : " المسيح قام " كيف بارك عيسى ابن مريم مصر؟ 

محمود الشويح - صورة أرشفية  الشورى
محمود الشويح - صورة أرشفية

- لماذا يصوم الأقباط ٥٥ يوما؟.. وما سر امتناعهم عن تناول المنتجات الحيوانية والأسماك والألبان؟

- ماذا قال البابا تواضروس قبل عيد القيامة المجيد؟.. وما قصة "وصية الرب" التى نصح المسيحيين بها؟

- هل يمنع فيروس كورونا الاحتفال بالعيد؟.. ولماذا يعشق المصريون السيدة العذراء وابنها؟

فى هذه الأيام المباركة من كل عام، اعتدت أن أختلى بنفسى.. ممسكا بكتاب الله.. أقرأ وأتبدر.. فى القرآن أجد كل إجاباتى.. وراحتى.. وصفائى.. لا أعرف هذه الحالة إلا فى رمضان.. ولا أخرج منها إلا لصلاتى.. أطوف على مساجد المحروسة يوما بعد يوم.. طلبا للراحة والمدد.. فقد اعتدت ألا أصلى فى نفس المسجد.. بل أسجد فى كل بيت أقدر على الوصول إليه.. مخاطبا ربى بما هو فى قلبى ولا أقدر على البوح به لعباده.

ولقد كانت صلاتى الأخيرة فى جامع عمرو بن العاص، وقد اخترت أن أذهب إلى هناك قبل أذان المغرب بقليل.. أصلى وأسير قليلا ثم أعود إلى بيتى أتناول إفطارى.. بمفردى كما اعتدت فى السنوات الأخيرة.. متذكرا الأيام الخوالى فى بلدتى بسوهاج.. جالسا إلى جوار أمى.. آخذا من يديها طعاما لم أجد له مثيلا رغم طوافى الكثير.

المهم، وأنا فى طريقى لجامع عمرو كان قد تبقى على أذان المغرب دقائق قليلة.. وكان الجميع يتسابق على الفوز بثواب إفطارى.. وقد اخترت أن أقبل عصيرا قدمه لى شاب لاحظت وجود صليب على يديه!

نعم، كما قرأت تماما، كان الشاب الذى فاز بثواب إفطارى اسمه بيشوى.. وقد عرفت اسمه بعد أن توقفت للحديث إليه بعد أن شدنى ما يفعله.. فذكر لى أنه اعتاد أن يفعل ذلك فى كل عام كما كان يفعل والده.. ابتسمت وقلت له: "كل سنة وانت طيب برضه".. وقد كان بيشوى صائما بالفعل!

فقد بدأ الأخوة الأقباط صومهم الكبير فى 8 مارس الماضى، لمدة 55 يومًا تنتهى بليلة «سبت النور»، ويمتنع الأقباط خلال «الصوم الكبير» عن تناول المنتجات الحيوانية والأسماك والألبان، مكتفين بالأكلات النباتية، ويمتنعون عن تناول الطعام من الساعة 12 منتصف الليل وحتى الغروب، وتقام الطقوس والصلوات داخل الكنائس فى شكل قداس يومى، خلال الأسبوع الأول، وبدءًا من الأسبوع الثانى قداسان يوميًا.

و"الصوم الكبير" هو أحد فترات الصيام حسب الديانة المسيحية فى الطقوس الشرقية وتبلغ مدته 55 يوماً، وسمى بـ"الكبير" لأنه يحتوى على ثلاثة أصوام هى: أسبوع الاستعداد أو بدل السبوت، والأربعين يوماً المقدسة التى صامها الرب يسوع صوماً انقطاعياً، وأسبوع الآلام.

وفى هذا الصوم لا يأكل المسيحيون السمك الذى يؤكل فى الصوم الصغير "صوم الميلاد"، وذلك زيادة فى التقشف والتذلل أمام الله وللمضاء وراء السيد المسيح مشاركين له فى صومه عنهم وفى تألمه وموته من أجل الناس وهكذا يحملون الصليب (معنوياً) معه.

ولا بد فى الصوم من الانقطاع عن الطعام لفترة من الوقت، وفترة الانقطاع هذه تختلف من شخص إلى آخر بحسب درجته الروحية واختلاف الصائمين فى سنهم واختلافهم أيضاً فى نوعية عملهم ولمن لا يستطيع الانقطاع حتى الساعة الثالثة من النهار فإن فترة الانقطاع تكون بحسب إرشاد الأب الكاهن.

لا تستغرب وأنت تقرأ ما أكتبه عن "الصوم الكبير".. فكما قال رسولنا الكريم فيما معناه "نحن فى رباط إلى يوم الدين".. وللسيد المسيح والسيدة العذراء مريم مكانة خاصة فى نفوس المصريين جميعا.. وليس أدل على ذلك من رحلة العائلة المقدسة إلى مصر، فقبل نحو ألفى عام، شقت السيدة مريم العذراء الطريق إلى مصر بصحبة ابنها السيد المسيح، ومعهما يوسف النجار؛ هربا من بطش هيرودس، وعلى مدار خمس سنوات، طافت العائلة المقدسة عدة مناطق فى مصر، لتصبح هذه الرحلة التاريخية إرثا روحيا يتلمس أثره أتباع الديانة المسيحية حول العالم، بدأت الرحلة من بيت لحم وصولا بغزة، لتدخل العائلة المقدسة مصر من شمال سيناء مرورا بالفارما التى تقع شرق مدينة بور فؤاد، وهى مدينة من العصر الرومانى لا تزال موجودة وتحمل نفس الاسم، ومن ثم اتجهوا إلى الزقازيق، وبعد ذلك الدلتا.

المهم أن الكنيسة القبطية الأرثوذكسية تستعد هذه الأيام للاحتفال بأحد الشعانين فى 25 أبريل الجارى، وأحد الشعانين أو "أحد السعف" هو الأحد السابع من "الصوم الكبير" والأخير قبل "عيد القيامة"، أعظم الأعياد المسيحية وأكبرها ومتمم الصوم الكبير- ويسمى الأسبوع الذى يبدأ به بأسبوع الآلام.

ويبدأ "أسبوع الآلام" من يوم "أحد السعف" الذى استقبل أهل أورشليم السيد المسيح وقتها بزعف النخيل، وينتهى بأحد القيامة، حيث يحتفل المسيحيون بانتهاء فترة صوم استمرت لـ55 يوما.

ويعرف "أحد السعف" بذهاب الأقباط لصلاة القداس فى صباح اليوم، ويقومون بشراء زعف النخيل من البائعين أمام الكنائس ويشكل بأشكال عديدة رمزا للاحتفال بذكرى دخول السيد المسيح لمدينة القدس راكبا "جحش أسرة بنى آتان"، حيث قام أهل المدينة بقطع سعف النخيل ورفعه للترحيب بالسيد المسيح.

كما تمنع صلاة الجنازة بالكنائس عن أى شخص يتوفى خلال أسبوع الآلام وحتى العيد، مع منع رفع البخور داخل الكنيسة إلا فى خميس العهد وسبت النور.

وتتضمن هذه الفترة حالة من الحزن والاستعداد لصلوات البصخة المقدسة المتواصلة، والتى تبدأ صباحا ومساء وتعلق الستائر السوداء، كما تزيد فترة الصوم الانقطاعى حسب مقدرة كل فرد.

أما يوم الأربعاء فيمنع الناس من تقبيل بعضهم البعض، حيث إن منع التقبيل إشارة لقبلة يهوذا الأسخريوطى تلميذ السيد المسيح الذى خانه وسلمه للرومان مقابل 30 قطعة من الفضة، وحينها قام بتقبيله مما جعل الأمر علامة للخيانة، أما خميس العهد فيرمز للتواضع اقتداء بالسيد المسيح.

أما يوم الجمعة فتدعى بالعظيمة، وليلة العيد وهى التى تدعى بسبت النور، تستمر الكنيسة خلالها فى صلواتها، وكعرف شعبى يقوم الأقباط وبعض المسلمين بتكحيل أعينهم وهى عادة قديمة اعتاد على فعلها البعض.

ويتناول الأقباط خلال ذلك الأسبوع العدس فى خميس العهد، والفريك ونبات الرعرع المعطر إشارة إلى القصة الشعبية التى تروى بأن أيوب البار بعد أن تم شفاؤه من الأمراض، التى أصابت جسده استحم بالرعرع، النابت والطعمية يوم الجمعة، وشرب الخل.

وبينما ينتظر الأقباط هذه الأيام المباركة من عام لعام، فإن فيروس كورونا المستجد يحول دون الاحتفال كما هو معتاد، فقد اجتمع قداسة البابا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية، بطريرك الكرازة المرقسية، بالمقر البابوى بالقاهرة، بالآباء الأساقفة العموم، المشرفين على القطاعات الرعوية بالقاهرة والإسكندرية، لبحث وضع صلوات المناسبات الكنسية المقبلة بدءًا من جمعة ختام الصوم وحتى عيد القيامة المجيد، وكذلك الفترة التالية لها.

وانتهت المناقشات إلى: التشديد على مراعاة الإجراءات الصحية الواجبة من حيث تطهير اليدين وارتداء الكمامة بالشكل الصحيح والتباعد الاجتماعى، أثناء التواجد فى الكنيسة، ويسرى ذلك على الآباء الكهنة والشمامسة.

كما تقرر ألا تزيد نسبة المشاركة على 25 % من مساحة الكنيسة (فرد فى كل دكة)، ويتولى كل أب أسقف مشرف على قطاع، تنظيم ترتيبات مشاركة الشعب وتطبيق الإجراءات الاحترازية مع كهنة القطاع، بينما تصلى الجنازات فى كنيسة المدافن أو فى فناء الكنيسة، ويصليها كاهن واحد وشماس واحد بمشاركة أسرة المتوفى بما لا يزيد على عشرة أشخاص، مع عدم الاستثناء فى هذا الأمر حفاظًا على صحة وسلامة الجميع، مع استمرار غلق قاعات العزاء تمامًا، وأنه من باب الأمانة عدم مشاركة أى فرد فى الصلوات عند شعوره بأى أعراض مرضية حتى ولو كانت بسيطة.

كذلك يتم تعليق جميع الزيارات للبيوت والمستشفيات وصلوات التبريك والحميم والثالث، ويلتزم الجميع بأن يكون الافتقاد ومتابعة أحوال الأسر، لا سيما المتألمين، من خلال التليفون ووسائل التواصل الاجتماعى، مع تعليق أى ترتيبات خاصة بخدمات مدارس الأحد الكنسية والاجتماعات والأنشطة بمختلف أنواعها.

وتقرر أيضا أن تكون صلوات الأكاليل فى فترة الخمسين المقدسة بحضور أب كاهن واحد وشماس واحد وبنسبة مشاركة ٢٥ ٪ فقط، كما يجب ألا يكف الآباء الكهنة والخدام عن توعية الشعب وتنبيههم لضرورة السلوك بالحرص الواجب، فيما يتعلق بإجراءات الوقاية فى كل مكان، حفاظًا على حياتهم، وذلك بالتنبيه على ذلك داخل الكنائس باستمرار، وباستخدام وسائل التواصل الاجتماعى.

ولقد توقفت أمام رسالة البابا تواضروس لشعبه: "نثق فى تفهمكم للوضع الحالى والتجاوب مع حرص الكنيسة على سلامتكم، ولتستمر صلواتنا دون انقطاع فى الكنائس وفى البيوت وفى كل مكان وكل وقت بحسب وصية السيد المسيح، وسنظل طالبين أن يرفع الله عن العالم أجمع هذا الوباء وجميع الأمراض والضيقات"، فهذه كلمات راعٍ صالح يخشى على شعبه من وباء لا يرحم.

حمى الله مصر وأهلها وكل عام وأنتم بخير.