حرص الكنيسة على تكريم السيدة المسلمة والمسيحية يعكس روح الوحدة الوطنيةالعنف ضد المرأة مرفوض تماما وختان الإناث

رجال,الأولى,المواطنين,حياة كريمة,البابا تواضروس,مصر,قضية,المرأة,حب,أسوان,العالم,التنمية

رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء والعضو المنتدب
محمد فودة
رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء والعضو المنتدب
محمد فودة

د. ياسمين الكاشف تكتب: وثيقة "مناهضة العنف ضد المرأة".. تجسيد حقيقى لعظمة مصر

د ياسمين الكاشف  الشورى
د ياسمين الكاشف

◄ حرص الكنيسة على تكريم السيدة المسلمة والمسيحية يعكس روح الوحدة الوطنية

◄العنف ضد المرأة مرفوض تماما وختان الإناث جريمة يعاقب عليها القانون المصرى 

◄ قضية الزيادة السكانية مسألة شائكة وتتطلب من الجميع التصدى لها 

 

حينما يتحدث رجل دين مسيحى عن مشروعات تنموية تصب فى مصلحة المسلمين والأقباط على حد سواء فإن ذلك وبكل تأكيد يحدث فى مصر حين تتجلى الوحدة الوطنية فى أروع صورها وأجمل أشكالها، حيث لا توجد فى أى مكان فى العالم هذه الروح التى تفوح بعبق المحبة والتسامح ووحدة الهدف والمصير، نعم لا يوجد فى أى مكان فى العالم ما نراه ونلمسه بأنفسنا هنا فى مصر خاصة فى المناسبات الدينية حيث يقف المسلم والمسيحى على مسافة واحدة فى حب الخير لبعضنا البعض وأبلغ دليل على ما أقول هو تلك المبادرات الإنسانية التى نراها تخرج تارة من مسجد وتارة أخرى تخرج من كنيسة دون تفرقة بين مسلم ومسيحى.

وقد استوقفنى فى هذا الصدد تصريحات إعلامية مهمة أشار فيها القمص رفائيل ثروت كاهن كنيسة مارمينا فم الخليج، إلى أن الكنيسة القبطية كرمت 30 امرأة على مستوى الجمهورية من أسوان للإسكندرية وذلك لتشجيع المرأة المصرية المسلمة والمسيحية على حد سواء، موضحًا أن الكنيسة قدمت مشروعًا تنمويًا فى بعض القرى الأكثر احتياجًا ضمن خطط وبرامج الدولة التى تستهدف هذه الفئة فى المجتمع.

واللافت للنظر أن برنامج الكنيسة التنموى يخدم المسلمين والمسيحيين دون تمييز وذلك فى العديد من المناطق، ومن بينها بالطبع مشروعات محو الأمية والتوعية الصحية للأسرة إلى جانب مجموعة من البرامج التنموية الأخرى الموجهة نحو الكثير من القرى فى المناطق النائية. لقد لفت انتباهى فيما قاله رجل الدين المسيحى أنه أكد على قيمة وأهمية المرأة المصرية مسلمة كانت أو مسيحية بقوله إنها معروفة بقوتها وشخصيتها، مشيرًا إلى مسألة فى منتهى الأهمية هى أن الكنيسة تدعم المرأة المصرية بأشكال مختلفة ومتنوعة، حيث أصدرت الكنيسة القبطية فى هذا الصدد 3 وثائق مهمة للغاية، أولاها وثيقة عن تنظيم الأسرة والثانية وثيقة لمناهضة ختان الإناث بينما الوثيقة الثالثة فهى تلك التى تتعلق بمناهضة العنف ضد المرأة، وذلك خلال فعالية خاصة أقيمت بالمقر البابوى بحضور البابا تواضروس الثانى ورؤساء وممثلى المجالس والمؤسسات المصرية والدولية المهتمة بحقوق المرأة والأسرة والطفل وعدد من سفراء وممثلى الدول العربية والأجنبية، إلى جانب قيادات أسقفية الخدمات العامة والاجتماعية والمكتب البابوى للمشروعات.

والوثيقة الأولى وهى وثيقة مكافحة العنف ضد المرأة تعبر الكنيسة خلالها عن مكانة المرأة وكيف أنّ الكتاب المقدس وتعاليم الكنيسة تبرز حقوق المرأة فى المجتمع، والثانية وثيقة مكافحة ختان الإناث تعبر عن رأى الكنيسة الواضح والمعارض لتلك العادات التى تأصلت فى معظم وكثير من المجتمعات البسيطة والضعيفة وخاصة فى صعيد مصر، ولكن الدولة كلها ومنها الكنيسة لها دور فى مكافحة هذه العادات، والوثيقة الثالثة هى تنظيم الأسرة وهى قضية مهمة وتهتم بها مصر خاصة فى هذا الوقت للتضخم السكانى الموجود.

وألقى البابا تواضروس كلمة، خلال الحفل، أكد خلالها أنّ العنف ضد المرأة مرفوض تماما وفى أى صورة من الصور، وختان الإناث جريمة يعاقب عليها القانون، وهو غير موجود فى كل أدبيات الكنيسة وأمر مرفوض تماما، أما تنظيم الأسرة فهو تنظيم للمجتمع كله، وأى مجتمع يقوم بمشروعات التنمية ودور أى حكومة هو الاهتمام بالتنمية ولكن جهود التنمية تأكلها الزيادة السكانية، وهو أمر يضعف الدول لا يقويها. وأكدت الكنيسة حق المرأة فى حياة خالية من العنف، والمساواة فى الكرامة والحقوق بين كل البشر إذ الكل خليقة الله، والكل متساوون كما يؤكد الكتاب المقدس.

ونصت الوثيقة على: «تدعم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، حق المرأة فى حياة خالية من العنف، وترى أن جميع البشر هم خليقة الله، وجميعهم متساوون فى الكرامة، كما ساوت تعاليم الكتاب المقدس بين الرجل والمرأة، وترفض المسيحية تماما كل أشكال العنف ضد المرأة سواء كان هذا العنف جسديا أو لفظيا أو معنويا، كما تناهض الكنيسة أى ممارسات ضارة تؤدى أو يمكن أن تؤدى إلى معاناة للمرأة أو تنتقص شيئا من حقوقها وكرامتها كـ(ختان الإناث، والزواج المبكر، والزواج القسرى، والحرمان من التعليم، والحرمان أو التمييز فى الميراث، والتحرش الجنسى فى الشارع والعمل وأماكن الدراسة وغيرها، وهتك العرض، والاغتصاب، والاستغلال الجنسى كزواج القاصرات والإتجار بالفتيات والنساء، والعنف المنزلى والأسرى)، ومن هنا لا يجوز لأى رجل أن يمارس العنف ضد المرأة بأى شكل من الأشكال». وأضافت الوثيقة: «ونظرا لانتشار مفاهيم وموروثات وعادات خاطئة خاصة فى المجتمعات البسيطة والمهمشة والتى تشكل الأسباب الرئيسية وراء ممارسة العنف، وحيث إن رجال وعلماء الدين يتمتعون بمصداقية وتأثير قوى فى المجتمع المصرى فقد حرصت الكنيسة على تنمية قدرات رجال الدين للعمل على توعية المجتمع من أجل مناهضة كل أشكال العنف ضد المرأة، كما تقدم برامج متكاملة لرفع الوعى المجتمعى تشمل الشق الدينى والقانونى والنفسى والاجتماعى والعديد من برامج التمكين الاقتصادى والاجتماعى للمرأة كأحد الدعائم التى تمكنها من التمتع بحقوقها المجتمعية وتوفير حياة كريمة لها ولأسرتها».

والحق يقال فإن هذا الأمر يستحق منا كل تقدير بل إنه يتطلب أيضًا ضرورة أن يتم إلقاء الضوء عليه إعلاميًا خاصة أن الكنيسة نجدها فى هذا الصدد تدعم وبقوة إستراتيجية مصر القومية للسكان، وتدعم أيضًا الدولة فى تنفيذ هذا الدور من خلال وثائق مهمة تجسد أهمية هذا الدور، وذلك فى إطار حرصها على منح مصداقية للناس التى تعمل فى هذا الملف شديد الأهمية انطلاقًا من قناعة تامة بمبدأ أن قضية تنظيم الأسرة هى فى حقيقة الأمر قضية مهمة للغاية خاصة أن الزيادة السكانية لها أبعاد خطيرة تهدد الأمن القومى بالكامل .

هكذا استطاع رجل الدين المسيحى أن يجسد على أرض الواقع عظمة هذا الشعب الذى تذوب فيه المعانى وتختلط بداخله المشاعر وتتشابك فيه العلاقات وتنصهر جميعها فى بوتقة الوطن لتقدم لنا فى نهاية المطاف تلك الروح الوطنية التى تسود الجميع حول معنى واحد هو حب الوطن لتتجلى الوحدة الوطنية فى أروع صورها. فحينما تحدث عن المرأة والسعى الدءوب نحو النهوض بها فهو هنا لم يختص المرأة المسيحية بل كان حديثه موجهًا إلى الجميع مسلمات ومسيحيات، فالقضية السكانية التى أشار إليها هى قضية عامة وشائكة وتتطلب من الجميع التصدى لها سعيًا نحو الحد منها ومن أخطارها لأن الزيادة السكانية تشبه إلى حد كبير اشتعال النار فى الهشيم حيث إنها لا تبقى ولا تذر، بل تنهار أمام هذه الزيادة السكانية كافة أشكال وأنواع التنمية التى تقوم بها الدولة فى مختلف نواحى الحياة وهنا يبرز وبشكل لافت للنظر أهمية التوعية بضرورة العمل على تنظيم الأسرة، وبالطبع فإنه حينما يصدر هذا القول من رجل دين فإنه سيكون له وبكل تأكيد تأثير واضح على المواطنين لأننا شعب متدين بطبعه سواء كان مسلما أو مسيحيا، فسيظل لرجل الدين دائمًا مكانة مرموقة ومصداقية لا حدود لها بين كافة طبقات وفئات الشعب المصرى ليس الآن فقط بل إن ذلك عبر العصور المتعاقبة .