ما أكتبه الآن عن رحيل نجومنا الكبار ربما أجسد فيه شعورى تجاه هؤلاء النجوم ولكن أود أيضا أن ألفت الانتباه

يوم,محمد فودة,الاعلامى محمد فودة,كورونا,وفاة

رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء والعضو المنتدب
محمد فودة
رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء والعضو المنتدب
محمد فودة

محمد فودة يكتب: السيرة الطيبة أطول من العمر

محمد فودة  الشورى
محمد فودة

النجوم يرحلون ويتركون خلفهم تاريخاً مشرفاً يعيش بيننا  وفاة عزت العلايلى فجرت ينابيع المشاعر الجميلة تجاه جيل الكبار  الفنان الحقيقى هو الذى يعكس نبض مجتمعه بكل صدق التزام نجوم الفن بتقاليد المجتمع  يجسد القدوة فى أروع صورها 

 

بينما كنت أستعد لكتابة هذا المقال تذكرت قصيدة شهيرة لأمير الشعراء أحمد شوقى يقول فيها : دقات قلب المرء قائلة له  إن الحياة دقائق وثوانى .. فارفع لنفسك بعد موتك ذكرها  فالذكر للإنسان عمر ثانى..

فبهذه الكلمات شديدة الدقة وشديدة الروعة استطاع أمير الشعراء أحمد شوقى أن يضع يده على جانب مهم فى الحياة، هذا الجانب لا يجب أن يمر أمامنا دون أن نتوقف أمامه باهتمام وتركيز شديد، والحق يقال فإن الموضوع الذى أكتب عنه الآن لم يأت من فراغ أو وليد الصدفة وإنما هو انعكاس طبيعى للحالة التى انتابتنى بعد أن أحزننى وهز مشاعرى خبر وفاة النجم الكبير عزت العلايلى الذى رحل عن دنيانا منذ بضعة أيام تاركاً وراءه حالة من الحزن الشديد التى ألقت بظلالها على عشاق نجمنا الكبير ليس هذا فحسب بل إن رحيل العلايلى ترك خلفه أيضاً مساحة كبيرة من المشاعر الفياضة بالحب والتقدير والاحترام تجاه هذا الفنان الكبير ونخبة من نجومنا الكبار  أيضاً الذين رحلوا عنا، فعلى الرغم من أنهم تركوا فراغاً كبيراً فى ساحة الفن بمختلف أنواعه فإنهم ما زالوا يعيشون بيننا حتى الآن بسيرتهم الطيبة وبأعمالهم الخالدة التى ستظل علامات مضيئة فى الفن المصرى بل ستظل بمثابة الأركان الأساسية التى ترتكز عليها الريادة المصرية فى السينما والمسرح والتليفزيون فى المنطقة العربية.

ما أكتبه الآن عن رحيل نجومنا الكبار ربما أجسد فيه شعورى تجاه هؤلاء النجوم ولكن أود أيضاً أن ألفت الانتباه إلى أنه وبشكل ظاهر للجميع فإن ذلك يظهر بوضوح أيضاً على صفحات التواصل الاجتماعى التى أراها كلما رحل عن دنيانا نجم كبير وقد امتلأت بكلمات تفيض حباً وعشقاً واحتراماً لهذا النجم أو ذاك.. وقد استوقفنى فى هذا الأمر أن تلك المشاعر تجاه هؤلاء النجوم الذين يغيبهم الموت لم تصدر عن زملائهم من الفنانين والنجوم فحسب بل إنها تأتى وبشكل كبير من أشخاص عاديين لا تربطهم بهؤلاء النجوم سوى متعة المشاهدة والارتباط الوجدانى بأعمالهم التى قدموها سواء فى السينما أو التليفزيون أو المسرح.

وهنا تتجسد بوضوح أهمية أن يكون الفنان قدوة لمشاهديه وأن يكون مثلاً أعلى بالنسبة للمواطن العادى الذى كان يذهب وبمحض إرادته إلى شباك السينما ويدفع ثمن التذكر لمشاهدة هذا العمل أو ذاك، وبالطبع فإن هذا الارتباط الوجدانى بينه وبين هؤلاء النجوم يصبح مع مرور الوقت نوعا من التعلق والاعتياد وبالتالى نجد البعض يقلدهم فى جميع تصرفاتهم وأفعالهم لذا فإنه كلما كانت تصرفات الفنان تتسم بالالتزام فإنه يصبح بذلك عاملاً قوياً لخلق مناخ صحى فى المجتمع المحيط به بصفة عامة، وفى نفس سياق الحديث عن النجوم أصحاب السيرة الطيبة والأخلاق العالية أذكر هنا النجم الكبير نور الشريف الذى رحل وترك وراءه أعمالاً خالدة فضلاً عن كونه نموذجاً يحتذى به فى ارتباطه بمهنة التمثيل وإخلاصه الشديد لها وعلاقته المتميزة مع الجميع سواء داخل الوسط الفنى أو خارجه، ونفس الأمر ينطبق على النجم الكبير محمود ياسين الذى ظل حتى آخر يوم فى حياته مثالاً للعطاء بلا حدود فضلاً عن مساهماته ومشاركاته فى الكثير من الفعاليات الفنية المهمة ضارباً القدوة والمثل فى  التزام الفنان تجاه وطنه.

أما النجمة المحبوبة رجاء الجداوى التى كانت تربطنى بها صداقة وطيدة فقد تركت بعد رحيلها حالة من الحزن الشديد بين الكثير من فئات المجتمع فقد كانت راقية فى الأدوار التى جسدتها على الشاشة وكانت أيضاً راقية فى حياتها الخاصة وفى علاقاتها الاجتماعية مع المحيطين بها، كانت إلى آخر يوم فى حياتها قبل أن تصاب بفيروس كورونا اللعين مثالاً للعطاء بلا حدود حيث لم تدع مناسبة إلا ونجدها سباقة فى عمل الخير وتقديم كل الدعم المعنوى للفنانين الذين يتعرضون لأية ظروف استثنائية، وهل يمكن أن ننسى فنانين كبارا رحلوا عنا أمثال النجمة الكبيرة نادية لطفى التى استطاعت أن تثبت وبشكل عملى أن الفنان الحقيقى هو الذى لا ينفصل عن قضايا وطنه فكانت شعلة نشاط وكانت فاعلة فى كل ما يتعلق بقضايا الوطن وهو ما يترجم على أرض الواقع أهمية القدوة فى حياة النجوم لأنها هى التى تبقى بعد أن يرحل بجسده  وهو ما ينطبق أيضاً على الفنان القدير حسن حسنى الذى ظل يعطى للفن ولوطنه حتى آخر لحظة فى حياته.

والحق يقال فإن من رحلوا من نجوم الفن والذين ذكرتهم والذين لم أذكرهم لم يكن رحيلهم عادياً فقد أوجعوا قلوبنا وأصابونا بحالة من الحزن على رحيلهم ولكن عزاءنا الوحيد أنهم وكما ذكرت من قبل فحتى وإن كانوا قد رحلوا بأجسادهم إلا أنهم باقون بيننا بذكراهم الطيبة وسمعتهم النظيفة وأعمالهم الخالدة، والحديث فى هذا الجانب المهم فى حياة النجوم والمشاهير والذى برز بشكل كبير عقب وفاتهم يدفعنى للحديث عن مسألة فى غاية الأهمية هى "القدوة" التى تتمثل فى الشخص والمثال الأعلى الذى يُقتدى به والنموذج المثالى فى تصرّفاته وأفعاله وسلوكه، بحيث يُطابق قوله عمله ويُصدّقه، ويكون القدوة بالنسبة لأتباعه مثالاً سامياً وراقياً، فيعملون على تقليده وتطبيق نهجه والحذو حذوه، وينبع تقليدهم إياه من الإرادة والقناعة الشخصيّة للمقتدى، لا بالضغط الخارجى أو الإلزام من جهة القدوة بذلك، والهدف من اتباع القدوة الرقى لأعلى مستوى من الأخلاق والتعامل والعلم.

وقد حدد الخبراء والباحثون صفات الشخصية القدوة بالعديد من الصفات والسلوكيات التى تجعل من الشخص قدوةً للآخرين بشكل عام، وهذه الصفات تتمثل فى تقديم الدعم اللازم فالشخصية القدوة تقدم يد العون للأشخاص من حولها حتّى مع انعدام القدرة على تقديم الشيء المحدد الذى يحتاجونه فالدعم المعنوى فى هذه الحالات يكون كافيا ، ومن الصفات أيضاً احترام آراء الآخرين: فالشخصية القدوة تحترم آراء الآخرين سواء كانت مؤيدة لها أم معارضة فكل إنسان له الحق فى إبداء رأيه كما يمكن تعلّم أشياء جديدة من تلك الآراء أو رؤية موقف معين من زاوية مختلفة.

وأيضا من بين تلك الصفات إظهار الحكمة والنضج فالحق يقال لا توجد مشكلة فى أن يتصرف الشخص بشكل طفولى من حين لآخر، إلا أن هناك أوقاتاً يجب أن يثبت فيها الإنسان وعيه ونضجه، ويجب أن يتمكن من التعامل مع المواقف الصعبة كالمشاكل الأسرية، والمنافسة فى مجال العمل وغيرها، أما الصدق فهو من أهم وأبرز تلك الصفات فالشخصية القدوة صادقة دائماً فرغم أنّ الحقيقة تؤذى مشاعر الآخرين أحياناً، فإن الكذب يظل الأسوأ على الإطلاق فالناس تتجنب الشخص الكاذب ولا تثق به، وهناك أيضاً صفة مهمة تتمثل فى الابتعاد عن الشائعات لأن نقل الكلام بين الأشخاص ونشر الشائعات تعد واحدة من أسوأ الأمور التى يمكن أن يقوم بها أى شخص فهو يزيد من المشاكل والمتاعب وهنا يمكننى القول إن هذه الأمور جميعها تجعل الشخصية قدوة للآخرين بالفعل.

 

رحم الله نجومنا الكبار الذين كانوا كباراً فى كل شيء وليس فى تصرفاتهم الشخصية فقط ، فأصبحوا بحق قدوة لمعجبيهم وكانوا أيضاً كباراً فى مهنتهم فتركوا أعمالاً خالدة ستظل تعيش بيننا تذكرنا بهم وتذكرنا بجيل الكبار جيل الزمن الجميل.